أعلن فريق دولي من الباحثين عن رصد جسيم نيوترينو غير مسبوق في طاقته، باستخدام شبكة استشعار تقع في قاع البحر الأبيض المتوسط. هذا الاكتشاف المذهل، الذي نُشر في مجلة Nature، يوفر رؤى قيمة حول العمليات الكونية المتطرفة التي تحدث على مسافات بعيدة جداً. الجسيم المحطِّم للرقم القياسي، الذي تم اكتشافه بواسطة مشروع KM3NeT، يحمل طاقة تعادل مليارات الإلكترونات، مما يجعله أقوى بكثير من أي جسيم تم إنتاجه في المعامل الأرضية.
في فبراير 2023، سجلت أجهزة الاستشعار الضوئية في أعماق البحر حادثة غير عادية. كانت هذه اللحظة الحاسمة عندما انبعث ضوء زاهٍ من جسيم نيوترينو وصل إلى كوكبنا من مكان بعيد جداً في الكون. هذا الجسيم، الذي يُعرف بخصائصه الغامضة وعدم تفاعله مع المادة، تمكن من الوصول إلى الأرض عبر مسافات هائلة دون أن يتغير.
يعتقد العلماء أن مصدر هذا الجسيم قد يكون ظاهرة كونية متطرفة مثل ثقب أسود أو انفجار أشعة غاما. هذه الاكتشافات توفر أدلة أولية مهمة حول كيفية إنتاج النيوترينوات عالية الطاقة في الكون. رغم أن الباحثين لم يتمكنوا بعد من تحديد موقع المصدر بدقة، إلا أنهم يستبعدون أن يكون الجسيم قد جاء من داخل مجرتنا درب التبانة.
شبكة KM3NeT، التي لا تزال تحت الإنشاء، تتكون من آلاف أجهزة الاستشعار المثبتة في أعماق البحر. تعمل هذه الأجهزة على رصد النشاط الضوئي الناجم عن تفاعل النيوترينوات مع الماء. هذا المشروع الطموح، الذي بدأ تركيبه في عام 2015، يهدف إلى توفير منصة فريدة لدراسة الجسيمات العالية الطاقة القادمة من أقصى أطراف الكون.
مع استمرار أعمال التطوير والتحسين، يتوقع الباحثون أن يكشف KM3NeT المزيد من الأسرار حول الظواهر الكونية المتطرفة. هذا الاكتشاف الجديد يفتح الباب أمام فرص بحثية واعدة، حيث يمكن للعلماء الآن استكشاف مصادر الأشعة الكونية وأحداث أخرى تشكل الكون. كما أنه يعزز فهمنا للعمليات الأساسية التي تحكم السلوك الفيزيائي للجسيمات الأولية في ظروف متطرفة.