أظهرت دراسة حديثة أن الأشخاص الذين يعملون في وظائف تتطلب الحد الأدنى من الحركة يواجهون خطرًا أعلى للإصابة بالأرق. هذه الدراسة، التي نُشرت في مجلة علم نفس الصحة المهنية، استعرضت بيانات أكثر من ألف عامل على مدى عقد كامل، وكشفت عن العلاقة بين تصميم الوظيفة وأنماط النوم. الباحثون أوضحوا أن العوامل مثل استخدام التكنولوجيا، مستويات النشاط البدني، وجداول العمل تؤثر بشكل كبير على صحة النوم.
في بحث معمق أجري على مدى عشر سنوات، تم تحليل بيانات مجموعة كبيرة من العمال الأمريكيين لفهم كيف يؤثر تصميم الوظيفة على أنماط نوم الموظفين. الباحثون، بما في ذلك الدكتورة كلير سميث من جامعة جنوب فلوريدا، اكتشفوا أن الأشخاص الذين يعملون في وظائف مكتبية ثابتة يعانون بشكل أكبر من مشاكل النوم مقارنة بالعاملين في مهن أخرى.
الدراسة قسمت المشاركين إلى ثلاث فئات رئيسية بناءً على أنماط نومهم: الأشخاص الذين ينامون بشكل جيد، الأشخاص الذين يعانون من الأرق، والأشخاص الذين يعوضون عن نومهم. وجدت الدراسة أن العمال الذين يعملون في جداول زمنية غير تقليدية، خاصة الليلية، كانوا أكثر عرضة للوقوع في الفئة الأخيرة بسبب طبيعة أعمالهم. كما أشارت الدراسة إلى أن 90% من الأشخاص الذين يعانون من الأرق استمروا في المعاناة لمدة تصل إلى عقد كامل.
بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين يعانون من الأرق لديهم خطر أكبر للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، السكري، والاكتئاب. الدكتور لويس ف. بوينيفر من جامعة جونز هوبكنز أكد على قيمة البحث بسبب حجمه الكبير وتقنية الإحصاء المستخدمة فيه.
على الرغم من التوقعات الأولية بأن الاستخدام المكثف للتكنولوجيا قد يضر بصحة النوم، وجد الباحثون أن هذا الارتباط ضعيف. بدلاً من ذلك، يمكن أن تساعد زيادة كفاءة الموظفين في حماية صحتهم أثناء النوم.
للمساعدة في تحسين جودة النوم، أوصت الدراسة بتغييرات بسيطة في الروتين اليومي، مثل فترات الراحة القصيرة والمشي خلال اليوم، وفصل الأجهزة الإلكترونية قبل النوم بساعتين. بالنسبة لأولئك الذين يعملون في نوبة الليل، يمكن أن يساهم التعرض للضوء في إعادة ضبط إيقاعاتهم البيولوجية.
أخيرًا، شدد الخبراء على أن التغييرات السلوكية البسيطة يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في تحسين النوم، مما يوفر رسالة أمل للملايين من الأشخاص الذين يعانون من مشاكل النوم.
من وجهة نظر صحافية، تعتبر هذه الدراسة خطوة مهمة نحو فهم أفضل لكيفية تأثير العمل على صحة النوم. إنها تسلط الضوء على أهمية التوازن بين الحياة العملية والشخصية، وتؤكد على ضرورة اتخاذ تدابير بسيطة ولكن فعالة لتحسين نوعية النوم، وبالتالي رفاهية الأفراد والمجتمع ككل.