صحي
إنجاز علمي غير مسبوق: خريطة ثلاثية الأبعاد لدماغ الثدييات
2025-04-17

أعلن فريق دولي متخصص في علوم الدماغ عن إنجاز تاريخي يتمثل في إنشاء أول خريطة ثلاثية الأبعاد دقيقة توضح تفاصيل دماغ الثدييات. باستخدام جزء صغير من نسيج دماغ فأر، تمكّن العلماء من تسجيل وتحليل بيانات أكثر من 84,000 خلية عصبية و200,000 خلية دماغية أخرى عبر أكثر من 500 مليون اتصال عصبي. هذا المشروع الضخم، الذي استغرق حوالي عقد من الزمن وشارك فيه نحو 150 باحثًا من 22 مؤسسة بارزة، قد يفتح أبوابًا جديدة لفهم الأمراض العصبية والعملية الإدراكية المعقدة.

في إطار هذا البحث المذهل، بدأ العلماء بدراسة جزء صغير جدًا من الدماغ يبلغ حجمه أقل من مليمتر مكعب، والذي يحتوي على ما يعادل 5.4 كيلومترات من الأسلاك العصبية. استخدم الباحثون تقنيات متطورة مثل المجاهر الإلكترونية وأدوات الذكاء الاصطناعي لتتبع الحدود بين الخلايا العصبية وتحليل اتصالاتها الدقيقة. بدأت العملية بتسجيل النشاط العصبي في القشرة البصرية لفأر مُختبري أثناء تعريضه لمجموعة متنوعة من المنبهات البصرية، بما في ذلك مقاطع فيديو قصيرة من أفلام مشهورة ورياضات محفزة.

بعد ذلك، قام الفريق بتحليل هذه البيانات بشكل دقيق باستخدام أدوات التعلم الآلي. حيث تم تقسيم الجزء الصغير من الدماغ إلى آلاف الشرائح الدقيقة، التي تم تصويرها وإعادة تركيبها رقميًا لإنشاء خريطة شاملة. استغرقت هذه المرحلة شهورًا من العمل المتواصل، مع تناوب الفرق على مدار الساعة للتأكد من دقة النتائج. ووفقًا للباحثين، فإن هذه الخريطة تمثل بداية تحول رقمي في مجال علوم الدماغ، حيث يمكن الوصول إلى المعلومات بسرعة وبسهولة غير مسبوقة.

يُعتبر هذا المشروع خطوة هائلة للأمام مقارنة بالدراسات السابقة التي ركزت على كائنات أصغر بكثير، مثل دودة الربداء أو ذبابة الفاكهة. ومع ذلك، يشير العلماء إلى أن رسم خريطة كاملة لدماغ الفأر أو الإنسان يظل تحديًا كبيرًا بسبب التعقيد الهائل لهذه الأنظمة البيولوجية. على الرغم من ذلك، فإن هذا الإنجاز يوفر أساسًا قويًا لدراسة أمراض مثل الزهايمر والتوحد، حيث يمكن للمخطّط الاتصالي الجديد أن يساعد في فهم الخلل العصبي المرتبط بهذه الحالات.

تشير هذه الجهود إلى مستقبل واعد لعلوم الدماغ، حيث يمكن استخدام هذه التقنيات لتطوير علاجات أكثر فعالية للأمراض العصبية. كما أنها توفر نموذجًا جديدًا لفهم العمليات الإدراكية المعقدة التي تحدث داخل الدماغ، مما قد يؤدي إلى تحسين طرق التعليم والتعلم لدى البشر. يعد هذا المشروع نقطة انطلاق نحو تحقيق فهم أعمق للبنية الوظيفية للدماغ وكيفية عمله بطريقة متكاملة.

More Stories
see more