كشفت دراسة حديثة أن معظم المدن الأكثر تلوثًا في العالم خلال عام 2024 تقع في قارة آسيا، حيث تعاني هذه المناطق من مستويات مرتفعة جدًا من الجسيمات الدقيقة الضارة المعروفة بـ PM2.5. تُظهر النتائج أن الهند تحتل المرتبة الأولى كأكثر دولة احتواءً للمدن الملوثة بسبب الاعتماد الكبير على الفحم وازدحام السكان والمرور. كما أشار التقرير إلى وجود مدينة إفريقية واحدة ضمن القائمة وهي إنجمينا عاصمة تشاد، مما يعكس مدى انتشار المشكلة خارج آسيا.
كما لوحظ أن جميع المدن الأكثر تلوثًا في أمريكا الشمالية موجودة في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة. وتؤكد الدراسة أن هذه الجسيمات الدقيقة تسبب أمراضًا خطيرة مثل السرطان والسكتات الدماغية وأمراض الكلى المزمنة، مما يجعلها تهديدًا كبيرًا للصحة العامة عالميًا.
تشكل الهند محورًا رئيسيًا لهذه الأزمة البيئية، حيث تحتضن العديد من المدن التي تتصدر قائمة التلوث العالمي. تعتمد البلاد بشكل كبير على الوقود الأحفوري، مما يؤدي إلى زيادة تركيز الجسيمات الدقيقة في الهواء. هذا الوضع يؤثر سلبًا على صحة السكان، خاصة في المدن الكبرى مثل نيودلهي التي تعتبر أكثر العواصم تلوثًا منذ ست سنوات متتالية.
تعد الجسيمات الدقيقة PM2.5 مصدر قلق رئيسي بسبب حجمها الصغير الذي يمكن أن يتغلغل في الجهاز التنفسي والدموي للإنسان. أفادت منظمة الصحة العالمية أن هذه المستويات العالية من التلوث قد تقلل من متوسط العمر المتوقع بمقدار خمس سنوات تقريبًا. كما تعرضت المدينة الصناعية بيرنيهات في شمال شرق الهند لتلوث هائل بلغت فيه مستويات الجسيمات أكثر من 25 ضعفًا عن الحد المسموح به عالميًا. بالإضافة إلى ذلك، غطى الضباب الدخاني سماء دلهي مؤخرًا، مما تسبب في تعطيل الرحلات الجوية وحجب الرؤية عن المباني الشاهقة.
على الرغم من استمرار تصدر المدن الآسيوية قائمة التلوث العالمي، إلا أن هناك بعض الإشارات الإيجابية من دول مثل الصين. أظهرت البيانات انخفاضًا طفيفًا في تركيز الجسيمات الدقيقة السنوي في المدن الكبرى مثل بكين وشنغهاي، نتيجة الجهود المبذولة لتحسين جودة الهواء. تعمل الصين الآن على توسيع استخدام الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح، مما يعكس تحولًا استراتيجيًا نحو الاستدامة البيئية.
بينما لا تزال بنغلاديش وباكستان ضمن الدول الأكثر تلوثًا، يبدو أن الصين بدأت تحقق تقدمًا ملحوظًا في هذا المجال. تشير الدراسات إلى أن كل المدن العشرين الأكثر تلوثًا في العالم تتخطى الإرشادات الدولية المتعلقة بالجسيمات الدقيقة PM2.5 بأكثر من عشر مرات. ومع ذلك، فإن الجهود المبذولة لتحقيق تحسينات واضحة في جودة الهواء تبقى أمرًا ضروريًا للحد من الآثار السلبية للتلوث على البشرية والكوكب.