تشير الدراسات الحديثة إلى أن مرحلة البلوغ تبدأ في وقت مبكر بشكل ملحوظ مقارنة بالعقود السابقة، مما يثير قلقًا متزايدًا بين الآباء والمختصين الصحيين. هذه المرحلة الحساسة من حياة الأطفال تتميز بتغيرات جسدية ونفسية كبيرة تتأثر بعدة عوامل مثل البيئة الاجتماعية والتقنية. الدكتورة كارا ناترسون، طبيبة الأطفال ومؤلفة كتب متخصصة حول صحة الفتيان والفتيات، تسلط الضوء على أهمية فهم هذه التحولات وتقديم الدعم المناسب للأطفال خلال هذه الفترة الحرجة.
في عالم مليء بالتغيرات السريعة، أصبحت مرحلة البلوغ أكثر تعقيدًا مما كانت عليه في الماضي. تشير ناترسون إلى أن البلوغ يبدأ الآن عند الأطفال بعمر يتراوح بين 8 و10 سنوات، وهو أبكر بكثير مما كان يحدث سابقًا. هذا التغيير يعود إلى عدة عوامل منها زيادة الوزن لدى الأطفال، العوامل البيئية، وكذلك الضغوط النفسية المستمرة.
توضح الطبيبة أن هناك اختلافات واضحة بين الجنسين فيما يتعلق بهذه المرحلة. بالنسبة للفتيات، تبدأ التغيرات بنمو الثدي، بينما لدى الذكور تكون البداية بنمو الخصيتين والقضيب. كما أن استخدام الأجهزة الإلكترونية يؤثر سلبًا على نوعية النوم، مما يؤدي إلى مشاكل صحية ونفسية إضافية.
مع انتشار الإنترنت والشاشات الرقمية، أصبحت المعلومات المتعلقة بالجوانب الجنسية متاحة بشكل غير مسبوق، مما قد يؤدي إلى سلوكيات خاطئة أو مضللة. تؤكد ناترسون على أهمية أن يكون للآباء دور نشط في تقديم المعلومات الصحيحة لأبنائهم، خاصةً في ظل غيابها أو توافرها بطريقة غير مدروسة عبر الإنترنت.
من الواضح أن فهم طبيعة التغيرات التي تحدث أثناء البلوغ هو الخطوة الأولى نحو دعم الأطفال بشكل صحيح. ومع ذلك، فإن الحوار المفتوح بين الآباء والأبناء يظل العنصر الأساسي لتحقيق هذا الهدف. يجب على الآباء أن يكونوا على استعداد لمناقشة المواضيع الحساسة بطريقة هادفة وغير تقليدية، مع التركيز على تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم وتقليل الشعور بالقلق أو الانزعاج.
في النهاية، يمكن لهذه المحادثات أن تساهم في تشكيل فهم أفضل لدى الأطفال لما يحدث لهم، وبالتالي تساعد في تجاوز هذه المرحلة بأقل قدر من الصعوبات. كما أنها تُعدّ فرصة لتعزيز العلاقة بين الأهل والأبناء وبناء جسور من الثقة تستمر مدى الحياة.