صحي
كيفية مساعدة الأطفال على التعامل مع القلق في عالم متغير
2025-05-03

في ظل التحديات النفسية المتزايدة التي يواجهها الأطفال اليوم، تسعى العديد من الأسر للبحث عن طرق فعالة لدعم صحة أبنائها النفسية. خبيرة العلاقات الأسرية والزواج ماريا إيفانز، إلى جانب آشلين غريبر، قدّمتا رؤى قيمة حول استراتيجيات تعزيز الهدوء لدى الأطفال وسط بيئة مليئة بالضغوط. عبر كتابهما "تربية أطفال هادئين"، قدمتا إطارًا شاملًا يحمل اسم SAFER، الذي يهدف إلى تعليم الآباء كيفية بناء بيئات نفسية مستقرة داخل المنازل. يتضمن هذا الإطار أدوات مثل ضبط الإيقاع العاطفي، تشجيع التعبير الصحي عن المشاعر، وتعزيز الهوية الشخصية للأطفال.

وفقًا لإيفانز وغريبر، يبدأ الفهم الصحيح لمشكلات القلق عند الأطفال بمعرفة العلامات الجسدية والعاطفية المميزة. تتراوح هذه العلامات بين الشعور بألم في البطن وصعوبة التنفس وحتى بعض السلوكيات التكرارية مثل حك الوجه أو لف الشعر. كما أن هناك سلوكيات أخرى أكثر تعقيدًا مثل الخوف المفاجئ من أمور غير واضحة أو حتى الرغبة المستمرة في الابتعاد عن الآخرين. وبالتالي، فإن التعرف على هذه المؤشرات يعد الخطوة أساسية نحو تقديم الدعم المناسب لأي طفل يعاني من القلق.

تركز استراتيجية SAFER على خمس خطوات أساسية: ضبط الإيقاع العاطفي للأسرة، دمج المشاعر في السلوك اليومي، تعزيز الهوية الذاتية للأطفال، تعزيز التواصل الفعال، وأخيرًا، لعب دور القدوة كوالدين. توضح غريبر أهمية هذه الخطوات في بناء جسور الثقة بين الوالدين والأبناء، مما يؤدي إلى خلق بيئة منزلية تساعد على تقليل القلق بشكل كبير.

بالإضافة إلى ذلك، تؤكد إيفانز على أهمية تعزيز فكرة "الإطار الآمن" مقابل "الإطار المخيف". حيث يجب على الآباء الانتباه إلى الطريقة التي يتحدثون بها عن العالم أمام أطفالهم. فالحديث المستمر عن المخاطر والتهديدات قد يجعل الطفل يرى العالم بطريقة أقل أمانًا. لذلك، يتم التركيز على تعليم الوالدين كيفية التحكم في مشاعرهم وتخفيف توتراتهم، مما يساهم في تقليل نقل القلق إليهم.

من الناحية العملية، يمكن استخدام مفهوم "التنظيم المشترك" لتخفيف التوتر عند الأطفال. هذا المفهوم يعتمد على قدرة الطفل على استمداد الهدوء من الشخص البالغ المحيط به. سواء من خلال لغة الجسد أو نمط التنفس، يمكن للوالدين المساعدة على تحقيق استقرار عاطفي سريع للأبناء في أوقات الضيق.

أخيرًا، لا يمكن تحقيق هذا التوازن دون تعزيز ممارسات التعاطف مع الذات داخل الأسرة. إذ يشجع الخبراء الآباء على إعادة النظر في طريقة حديثهم الداخلي وتصحيح أي أفكار سلبية قد تكون موجودة. من خلال تعزيز هذه الممارسات، يمكن للأطفال تعلم كيفية إدارة أفكارهم السلبية والتعامل مع القلق بطريقة صحية ومثمرة.

مع اتباع هذه الاستراتيجيات، يمكن للأسر أن تسهم في تحسين الصحة النفسية للأطفال بشكل كبير. ليس فقط من خلال توفير بيئة هادئة ولكن أيضًا من خلال تعليم المهارات اللازمة للتغلب على التحديات النفسية المختلفة التي قد تواجههم في المستقبل.

More Stories
see more