تعد عملية مراقبة الطيور المهاجرة في خليج ديلوير حاسمة لمنع انتشار الأمراض الفيروسية مثل إنفلونزا الطيور. بفضل هذا المشروع، يمكن للعالم الاستعداد بشكل أفضل للأوبئة المستقبلية والحد من آثارها.
في شهر مايو من كل عام، تخرج سرطانات الحدوة من الخليج لتضع بيضها، وتزدحم الشواطئ بمئات الآلاف من الطيور المهاجرة التي تتغذى على هذا البيض الغني بالبروتين. يتوقف هنا حوالي 25 نوعًا مختلفًا من الطيور كل ربيع، مما يجعل المنطقة موقعًا فريدًا للدراسة العلمية.
يعمل العلماء على استكشاف العلاقة بين هذه الطيور والبيئة المحيطة بها، وكيف يمكن لهذه العلاقات أن تؤثر على انتشار الفيروسات. تعد هذه العملية أساسية لفهم كيفية تحول الفيروسات من كائنات إلى أخرى وكيف يمكن أن تصبح خطرًا على البشر.
بدأ الدكتور روبرت ويبستر، عالم الفيروسات النيوزيلندي، أول دراسة علمية شاملة حول فيروس الإنفلونزا في الطيور في الثمانينيات. أدرك ويبستر وأعضاء فريقه أن خليج ديلوير كان موقعًا مثاليًا لمراقبة انتقال الفيروسات أثناء هجرة الطيور. تم العثور على فيروسات الإنفلونزا في 20% من عينات البراز التي تم جمعها خلال زيارة الفريق الأولى في العام 1985.
منذ ذلك الحين، أصبح هذا المشروع واحدًا من أطول المشاريع المستمرة لجمع عينات من فيروسات الإنفلونزا من نفس مجموعة الطيور في العالم. يساعد هذا العمل في تطوير طرق جديدة للكشف المبكر عن الأوبئة وتحسين الاستجابة العالمية لها.
قبل أشهر قليلة من زيارة فريق سانت جود لمدينة كيب ماي هذا العام، ظهر فيروس H5N1 لأول مرة في الأبقار الحلوب في ولاية تكساس. أدى هذا الاكتشاف إلى وضع خبراء الإنفلونزا في حالة تأهب، حيث لم يسبق أن انتشرت فيروسات الإنفلونزا من النوع A، مثل H5N1، في الأبقار. تابع العلماء الفيروس لأكثر من عقدين من الزمن، مراقبين تطوره وانتشاره.
بعض فيروسات الإنفلونزا تسبب أعراضًا خفيفة فقط في الطيور، بينما تسبب بعضها الآخر أعراضًا شديدة الخطورة، خصوصًا في الدواجن. يتم إعدام القطعان المصابة بمجرد اكتشاف الفيروس للحد من انتشار العدوى والتخفيف من معاناة الطيور. ولكن هذه الاستراتيجية لم تمنع فيروس H5N1 من التفشي في الولايات المتحدة في أواخر العام 2021.
في السنوات الأخيرة، طورت فيروسات H5N1 القدرة على إصابة مجموعة متزايدة من الثدييات، مثل القطط والثعالب وأسود البحر، مما جعلها أقرب للانتشار بسهولة بين البشر. يمكن أن تُصيب فيروسات H5N1 البشر، لكن العدوى لا تنتقل من شخص إلى آخر بسبب اختلاف المستقبلات الخلوية في الأنف والحلق والرئتين.
ومع ذلك، قد يتطلب الأمر تغييرًا بسيطًا في الحمض النووي للفيروس ليتمكن من الالتحام بالخلايا في رئتي الإنسان. أظهرت دراسة حديثة في مجلة "Science" أن تغييرًا رئيسيًا واحدًا في الحمض النووي للفيروس سيسمح له بالالتحام بالخلايا في رئتي الإنسان، مما يزيد من احتمالية انتقاله بين البشر.
رغم عدم العثور على فيروس H5N1 في الطيور التي أخذوا عينات منها في كيب ماي، إلا أن انتشار الفيروس في الأبقار في العديد من الولايات الأمريكية يثير القلق. تم الإبلاغ عن عشرات الإصابات البشرية بين عمال المزارع، دون تسجيل أي حالات عدوى من إنسان لإنسان. يواصل فريق سانت جود عمليات المراقبة في مواقع مختلفة، بما في ذلك شمال غرب ولاية تينيسي، حيث تم العثور على النمط الجيني D1.1 للفيروس في حوالي 12 عينة من البط البري.
لا يعرف العلماء حتى الآن متى ظهرت هذه السلالة وبدأت تنتشر كنوع متميز خاص بها. ومع ذلك، يستمر فريق سانت جود في تحليل البيانات لتحديد تاريخ ظهورها وتطورها. تعد عملية مراقبة الطيور المهاجرة حاسمة لمنع انتشار الفيروسات وحماية البشر والحيوانات من تفشي الأمراض في المستقبل.