أظهرت دراسات حديثة من مشروع دولي كبير أنّ الطاقة المظلمة، التي تُعتبر واحدة من أكبر الألغاز في علم الفلك، قد لا تكون ثابتة كما كان يُعتقد سابقًا. باستخدام أداة متقدمة تُدعى "DESI"، قام أكثر من 900 باحث بجمع بيانات عن ملايين المجرات والكوازار، مما كشف عن تطور غير متوقع في سلوك هذه الطاقة. وتشير النتائج إلى أن تأثير الطاقة المظلمة قد يكون في انخفاض مع مرور الزمن، وهو ما قد يؤدي إلى إعادة النظر في النماذج الحالية لفهم الكون.
في ولاية أريزونا الأمريكية، وعلى قمة مرصد كيت بيك الوطني، تعمل أداة الطيف للطاقة المظلمة (DESI) على استكشاف أعماق الكون منذ أربع سنوات. هذه الأداة القوية، التي تحتوي على 5000 عدسة من الألياف البصرية، تمكّن العلماء من رؤية تاريخ الكون عبر مليارات السنين. خلال السنوات الثلاث الأولى من المشروع، جمعت الأداة بيانات عن حوالي 15 مليون مجرة وكوازار، وهي أجسام سماوية مضيئة بشكل خاص.
قاد مصطفى إشاك-بوشاكي، أستاذ الفيزياء والفلك في جامعة تكساس بدالاس، فريقًا لتحليل البيانات التي كشفت أن الطاقة المظلمة، التي كانت تُعتبر "ثابتة كونية"، قد تتغير وتضعف مع الزمن. هذا الاكتشاف قد يعني أن الكون قد يتوقف عن التمدد بسرعة أو حتى يبدأ بالانهيار بعد مليارات السنين. دعمت هذه النتائج بتحليلات أخرى مثل دراسة الانفجارات النجمية والخلفية الميكروويفية الكونية.
من وجهة نظر صحافية، يبدو أن هذا البحث يفتح أبوابًا جديدة لفهم الكون بطريقة لم تكن متاحة من قبل. إذا استمرت هذه النتائج في التطور، فقد يؤدي ذلك إلى تحول جذري في مجال علم الكونيات. كما أن اكتشافات مثل هذه تعزز أهمية الاستثمار في الأبحاث العلمية المتقدمة، لأنها تمنحنا بصيرة ليس فقط في الماضي البعيد للكون، بل وفي مستقبل البشرية أيضًا. إن فهم الطاقة المظلمة والمادة المظلمة يمكن أن يقودنا إلى حلول جديدة للمشاكل العلمية والفلسفية العميقة.