كشفت أبحاث طبية حديثة أن التوتر ليس دائمًا ضارًا كما يُعتقد، بل يمكن أن يكون عاملًا إيجابيًا لتعزيز الصحة النفسية والجسدية. من خلال دراسات متعددة أجراها خبراء في هذا المجال، مثل الدكتورة شارون بيرغكويست، أصبح واضحًا أن كمية مناسبة من الضغوط قد تكون ضرورية لتحقيق التوازن النفسي والجسدي. تؤكد بيرغكويست، وهي أستاذة مساعدة في الطب ومديرة مركز العافية بجامعة إيموري، أن التوتر المفيد يمكن أن يعزز الكيمياء الحيوية في الجسم ويحسن جودة الحياة بشكل عام.
في رحلة مليئة بالتحديات الشخصية والأكاديمية، بدأت بيرغكويست اهتمامها بموضوع التوتر عندما كانت طفلة. نشأت في ظروف صعبة بسبب الثورة الإيرانية التي دفعت عائلتها للانتقال إلى إنجلترا ومن ثم الولايات المتحدة. وعلى الرغم من الصعوبات اللغوية والثقافية، استطاعت بيرغكويست تحقيق النجاح الأكاديمي والانضمام إلى كليتي ييل وهارفارد. تشير إلى أن نوعية التوتر الذي تعرضت له ساعد في بناء قدراتها العقلية والمرونة النفسية.
توضح بيرغكويست أن هناك فرقًا بين "الإجهاد الضار" و"الإجهاد المفيد". بينما يؤدي الأول إلى أمراض نفسية وجسدية، يعمل الثاني على إطلاق مواد كيميائية مثل الدوبامين والسيروتونين التي تعزز الشعور بالإيجابية والطاقة. بالإضافة إلى ذلك، تقدم خمس استراتيجيات لتحقيق التوازن مع التوتر، منها تحديد "منطقة غولديلوكس"، التركيز على النزاهة الذاتية، وإعطاء الجسم وقتًا كافيًا للتعافي.
تشمل هذه الاستراتيجيات أيضًا فهم العلاقة الوثيقة بين العقل والجسم من خلال ممارسة الرياضة، اتباع نظام غذائي صحي، واستخدام تقنيات مثل التعرض المدروس للحرارة أو البرودة. تشدد بيرغكويست على أهمية الثقة بالنفس وقدرتنا الفطرية على التحمل والاستجابة للضغوط بطريقة صحية.
من جهة أخرى، تدعو بيرغكويست إلى التمييز بين التوتر الجيد والسلبي. فعلى الرغم من أن الحياة الحديثة قد تكون مليئة بالضغوط، إلا أن إدارة هذه الضغوط بطريقة استراتيجية يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية طويلة الأمد.
من وجهة نظر صحافية، تُظهر هذه الدراسة أن التوتر لا يجب أن يكون دائمًا العدو رقم واحد لصحتنا. بل يمكن اعتباره أداة قوية لتحسين حياتنا إذا تم التعامل معه بشكل صحيح. ربما يكمن السر في التوازن: البحث عن التحديات المناسبة دون الإفراط أو التقصير. هذه الرؤية الجديدة حول التوتر تفتح أبوابًا واسعة أمام الأفراد لتطوير أساليب حياتهم اليومية وتحقيق مستقبل أكثر صحة وسعادة.