أظهرت بيانات جديدة صادرة عن منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسف زيادة مقلقة في عدد الإصابات بمرض الحصبة في المنطقة الأوروبية خلال العام الماضي، مما يُعد أعلى معدل منذ أكثر من ربع قرن. التحليل الذي أجراه الطرفان كشف أن هذه الزيادة تعود إلى انخفاض نسبة التطعيم بين الأطفال، خاصة بعد الآثار السلبية التي خلفتها جائحة كوفيد-19 على برامج الصحة العامة. يمثل الأطفال دون سن الخامسة النسبة الأكبر من المصابين، مما يزيد من الحاجة الملحة لتحسين استراتيجيات الوقاية والتطعيم.
وفقًا للتقرير الجديد، سجلت المنطقة الأوروبية ما يقارب 127,352 حالة إصابة بالحصبة في عام 2024، وهي نسبة ضاعفت العدد المسجل في العام السابق. يشير هذا الاتجاه المقلق إلى فشل بعض الدول في تحقيق مستويات التطعيم اللازمة للحماية الجماعية ضد المرض. وقد أكد الدكتور هانس كلوج، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أوروبا، أن عودة انتشار الحصبة تعد إنذارًا واضحًا بأن الأمن الصحي لا يمكن تحقيقه دون التزام مجتمعي عالٍ بتغطية اللقاحات الأساسية.
التحدي الأساسي يكمن في تراجع معدلات التطعيم خلال السنوات الأخيرة، حيث لم تسترجع العديد من الدول مستوياتها السابقة قبل الجائحة. أثر هذا الانخفاض بشكل مباشر على نسب المناعة المجتمعية، إذ يتطلب الوصول إلى حماية شاملة نسبة تطعيم لا تقل عن 95%. ومع ذلك، تشير البيانات إلى أن بعض الدول مثل البوسنة والهرسك، الجبل الأسود، مقدونيا الشمالية، ورومانيا تسجل نسب تطعيم أقل من 80% بين الأطفال المستهدفين، مما يجعلها الأكثر عرضة لتفشي المرض.
رغم التحديات، يبقى التطعيم هو الحل الأساسي للوقاية من الفيروس. التقرير أكد أن الأفراد الذين يتلقون الجرعات الموصى بها يتمتعون بنسبة حماية تصل إلى 97% ضد الإصابة بالحصبة حتى عند التعرض المباشر لها. يدعو الخبراء الحكومات والمؤسسات الصحية إلى تعزيز الجهود لضمان وصول اللقاحات إلى جميع الفئات السكانية، خاصة في المناطق ذات النقص الكبير في الخدمات الطبية.
مع استمرار الزيادة في حالات الحصبة، أصبح من الضروري اتخاذ خطوات فورية لمعالجة الفجوات في التطعيم. يُعدّ التركيز على برامج التوعية وتحسين البنية التحتية الصحية أولوية قصوى لضمان مستقبل آمن للأجيال القادمة. يجب على الدول العمل معًا لاستعادة الثقة في اللقاحات وإعادة بناء الأنظمة الصحية المتضررة.